تاريخ النشر : م13/1/2019 اليوم : الأحد

ما الأسباب التي تجعلك لا تُحِبُّ صورك ولا تُفضِّل سماع صوتك؟

من التعليقات التي طالما سمعناها أن يقول أحدهم بعدما تقوم بتصويره “لا أحب شكلي في هذه الصورة، من الأفضل مسحها ولا تُريها لأحد”. أو انا لا حب أن أظهر في الصور لأني لا ابدو بمظهر جيد.

فكثير من الناس عند رؤيته لصورته المصورة يعبر عن مدى احتقاره لشكله في الصورة ويؤكد أمام الجميع قُبح صورته، ها من جانب كما يندهش الكل بعد سماع صوته في أجهزة التسجيلات للدرجة التي تجعله لا يظن أن هذا صوته فعلًا.

في الحقيقة لست وحدك من تشعر بهذه المشاعر تجاه صورك أو تسجيلات صوتك، فأنت ربما تلعب دور الآخرين الذين يقومون بتهدئتك وإخبارك بأن الصورة جيدة عندما يتعلق الأمر بصورة لصديق ما، فنناقش في هذا المقال الأسباب التي تجعل الشخص لا يحب صوره، مع أن من حولك ربما يرون أن الصورة جيدة أو على الأقل ليست بهذا القدر من السوء التي تجعلك تحدث هذه الثورة من أجل حذف صورتك، ولا يوجد ربط بين هذا وبين الشعور بالتواضع أو الدونية لأن الأمر تبين أنه علميًّا خالصًا.

لماذا تكره شكلك في الصور ؟

تشير الدراسات أنه يجب عدم تفسير هذا الشعور بأنه نقد مبالغ فيه للذات، إذ يوضح عُلماء النَّفس أنه تأثير طبيعي ينطلق من القاعدة التي تقول، إن رد الفعل الإيجابي للإنسان يأتي غالبًا على الأمور التي يراها بكثرة، ومن هذا المنطلق فإن صورتنا في المرآة هي الأقرب إلينا، إذ نراها بشكل متكرر على العكس من الصور الفوتوغرافية.

ويُساعد تكرار رؤية أنفسنا في المرآة، على الاعتياد على العيوب التي ربما تكون موجودة في وجهنا أو وجود أي نوع من عدم التناسق. أما عند رؤية صورة فوتوغرافية فنبدأ في ملاحظة وجود اختلاف بين نصف الوجه الأيمن والأيسر على سبيل المثال أو فجأة تلفت نظرنا بقعة معينة على الجبهة.

هذه الفروقات والاختلافات أظهرها بوضوح روبرت زوجنيك في مشارف ستينيات القرن الماضي، فعندما تعرض نفسك على المرآة ترى في نفسك القبول الفائق، بينما يختلف الوضع عند العرض على وسيط مُختلف وجديد.

الاكثار من التصوير والتعود

أما إذا كنت دائم الصور والتصوير كالنجوم السينمائيين فسيكون بالنسبة لك هذا مُعتادًا ولن تشعر بنفس مشاعر الاستغراب أو الكراهية لصورك، فما تألف نفسك عليه تتغاضى عمَّا فيه من مثالب بخلاف الصدمة التي تتلقاها عند مشاهدة الصور التي هي حقيقة وليست انعكاسًا.

ولا يقتصر هذا التأثير النَّفسي على الصور فحسب، بل يمتد أيضًا للطعام، فكثرة تناولنا لوجبة معينة يزيد من فرصة تفضيلنا لها وكذلك كثرة رؤية بعض الأشخاص يزيد من فرص تطور علاقة الصداقة، كما أظهرت عدة دراسات أن الإنسان عندما يكثر من تناول وجبة معينة، فإنه يبدأ في الميل إليها بشدة وبشكل مفاجئ بعد المرة العاشرة.

ويستفيد قطاع الموسيقى والغناء من هذا التأثير النَّفسي، لذا يُحاول صناع الأغاني الإكثار من عدد مرات بثها سواء على قنوات التلفزيون أو محطات الراديو. وليس من الغريب أن يشعر شخص فجأة بالميل لأغنية معينة سمعها أكثر من مرة، رغم أنها لم تعجبه على الإطلاق في بداية الأمر.

أما بالنسبة للتطبيقات التي تعتمد على عدسات لا تعكس الصور، فأصبح أشبه بالمرايا التي أنت تفضل مشاهدة نفسك فيها بالطبع، ومن هذه التطبيقات “سناب شات” مثلًا، والأمر كله لا يتعلق بقبح أو جمال بل هي الاعتياد على مشاهدة النَّفس في إطار معين والاندهاش لمخالفة ذلك الإطار.

أسباب استغراب صوتنا المُسجَّل

في الوقت نفسه يستغرب مُعظم الناس عند سماع أصواتهم مسجلة وهو أمر يرجع أيضًا لفكرة الاعتياد، فمُعظمنا غير مُعتاد ببساطة على سماع صوته، بنفس النغمة التي يسمعنا بها الآخرون.

ويفسر الخبراء هذه الظاهرة وفقًا لموقع “فوندر فايب” الألماني، بأن عديدًا من العضلات والأنسجة تقوم بتخفيف حدة الموجات الصادرة من الأحبال الصوتية والتي تنتقل بعد ذلك للفك السفلي وعظم الصدغ، وبالتالي فكل شخص يسمع صوته بنغمة تختلف عن الصوت الحقيقي الذي يسمعه الآخرون. ويتحدَّث الخبراء هنا عن “الصوت الداخلي” الذي نسمع به أنفسنا والصوت الخارجي وهو الصوت الفعلي الذي يخرج منَّا.

وعلى الرغم من صعوبة تغيير نغمة الصوت المرتبطة بعوامل داخلية عديدة، فإن هناك بعض الأفكار التي تساعد في تدريب الصوت ليصبح أقوى في التأثير، لا سيما لمن يعمل في مجال يتطلب منه إلقاء الخطب أو قراءة نشرات الأخبار مثلًا.

الصوت والحالة الداخلية

ويؤكد الخبراء أن الصوت في مُعظم الأحيان يعكس الحالة الداخلية للإنسان ويبرز مشاعر الخوف أو عدم الثقة بالنَّفس، لذا فإن الاسترخاء ومُحاولة الدخول في حالة مزاجية جيدة يُساعد على تحسين الصوت.

قراءة أي شيء بصوت مُرتفع يوميًّا لمُدَّة خمس دقائق يُمكن أيضًا أن تساعد في اكتساب المزيد من الثقة في الصوت علاوة على التدريب على سماع النَّفس وضبط مخارج الألفاظ.

في نهاية مقالنا: نتمنَّى أن نكون قد قدَّمنا إليكم من المعارف ما هو جديد ومفيد، ونأمل أن يكون عرض الموضوع جاء مُناسبًا وممتعًا كما نود أن نسألكم هل تظنون أن مذيعي الراديو يشعرون أيضًا باستهجان لأصواتهم عند سماعها في المُسجَّل أم لا خصوصًا وأنهم قد لا يسمعون صوتهم في البرامج التي يقدمونها، ولكنهم اعتادوا على التسجيل؟

كتابة وتحرير المقال أ. بسام عصام البطه








2
1
0


تعليقات الفيسبوك