ما بين الخرافة والعلم: السيطرة على عقل الانسان بالتحديق الشديد
ينتشر في مجتمعاتنا ظاهرة القدرة الخارقة لبعض الأشخاص في السيطرة على عقول الاخرين وتنويمهم مغناطيسياً، حيث يكون لهؤلاء الأشخاص قدرة كاملة في السيطرة على عقول الاخرين واجبارهم على تنفيذ اوامرهم والتحكم فيهم، فهل هذا صحيح، أم أنها مجرد خرافات لا تستند الى دلائل علمية؟
إن أفضل إجابة على هذا الطرح تكمن في التجربة والدراسة العلمية التي قام بها عالم النفس الإيطالي (Giovanni Caputo)، وابتكر هذا العالم طريقة تعتمد على تغيير الوعي لدى الانسان، وتم ذلك دون استخدام أي مواد مخدرة وذلك فقط عن طريق إطالة النظر والتحديق الشديد باستخدام العيون.
قام عالم النفس بإجراء تجربة على عشرين متطوعا، خمسة عشر منهم من الاناث، وقام بتوزيعهم على شكل ازواج متقابلة يجلسون مقابل بعضهم البعض، وطلب من كل زوجين متقابلين التحديق في عيون الطرف المقابل لمدة (10) دقائق وبشكل متواصل ودون اغلاق عيونهم، ولجأ عالم النفس الإيطالي الى استخدام أضواء شديدة السطوع من أجل مراقبة ردة فعل وملامح كل زوج من المتطوعين، ولم يخبر عالم النفس المتطوعين بهدف هذه التجربة العلمية.
مرّ المتطوعون خلال هذه التجربة بحالة تدعى ” الخروج من الجسد” وشعورهم بالهلوسة، حيث شاهدوا أمور عديدة وغريبة مثل الوحوش والاقارب ورؤيتهم لذاتهم، وغيرها من الاشياء الغامضة، والغريب أن المتطوعين رأوا في هذه التجربة كأحد أفضل الأشياء التي مروا بها ف حياتهم.
قام عالم النفس الإيطالي بنفس التجربة ولكن طلب من متطوعين جدد التحديق بحائط لونه أبيض، وهؤلاء المتطوعين لا يعلمون قيام مجموعة أخرى بنفس التجربة، وتكررت نفس نتائج التحديق بالعين مباشرة، حيث شعروا بالهلوسة وبأمور غريبة تحصل معهم خلال تحديقهم المستمر بالحائط الأبيض، ولاحقاً قام بإعادة نفس التجربة على خمسين متطوع جديد وطلب منهم التحديق بأنفسهم من خلال استخدام المرايا، ولم يمض سوى دقيقة بعد التحديق بهذه المرايا حتى شعر المتطوعون بأعراض الهلوسة ورؤية أشياء غامضة لا يوجد لها تفسير منطقي.
إن اهم ما خلص اليه عالم النفس الإيطالي بأن التحديق بأي شيء كان لفترات زمنية طويلة ترهق الاعصاب وتدخلها في حالة من التعب والارهاق الشديد وبمرور الوقت تفقد الاعصاب قدرتها على الاستجابة للمحفزات، وذلك لأن التحديق الشديد والمتواصل يعمل على اخراج الانسان من حالة الوعي ويبدأ الادراك بالتلاشي شيئا فشيئاً، حتى يخرج الى حالة اللاوعي وغياب الادراك، وتنتهي هذه الحالة بمجرد تغيير الشكل الثابت امام عين الانسان أو بقيام الانسان بإغلاق عينيه.
وبعد ظهور نتائج هذه التجربة يمكنك الان التفريق بسهولة كون أن الانسان يستطيع السيطرة على انسان اخر أم لا، وبإمكانك التيقن بأن هذا الامر لا علاقة له من قريب أو بعيد بموضوع الشعوذة أو السحر، ذلك أن الامر كله يتوقف على حالة أعصابنا، فالعلم هنا هو الحل الأمثل لتفسير هذه الظاهرة وإدراكنا للأشياء من حولنا، وليس السحر أو الشعوذة.
لا يسمح بنسخ أو استعمال مواد هذا الموقع بأي شكل كان إلا بإذن خطي مسبق من Albatta.net جميع الحقوق محفوظة 2019 - 2020
كتابة وتحرير المقال أ. بسام عصام البطه
تعليقات الفيسبوك